للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- موالاة الكافرين، وإعانتهم في حربهم ضد المسلمين. ودليل هذه الصفة قول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر: ١١] ؛ فهؤلاء المنافقون أطمعوا إخوانهم من أهل الكتاب في نصرتهم، وموالاتهم على المؤمنين، وأقسموا أنهم لن يطيعوا في عدم نصرتهم أحدا يعذلهم أو يخوفهم، وأنهم سينصرونهم ويعينوهم على المسلمين إن قاتلوهم١.

٣- تبييت الشر للمسلمين، وتدبير المكائد لهم. ودليل هذه الصفة قول الله عز وجل: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: ١٠٨] ؛ فمخافة الخلق عند هؤلاء المنافقين أعظم من مخافة الله عز وجل، لذلك تجدهم يحرصون بالوسائل المباحة والمحرمة على تجنب الفضيحة عند الناس، وهم مع ذلك قد بارزوا الله بالعظائم، ولم يبالوا بنظره واطلاعه عليهم، خصوصا في حال تبييتهم ما لا يرضيه من القول٢.

٤- المسرة بانخفاض دين المسلمين، وكراهية انتصاره. ودليل هذه الصفة قول الله عز وجل: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورُ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: ٤٨] ؛ فقد طلب هؤلاء المنافقون الشر من البداية، واحتالوا في تشتيت أمر المسلمين وإبطال دينهم، حتى أظهر الله دينه، وأعز جنده، والمنافقون كارهون لذلك٣. ومن الأدلة أيضا قوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [التوبة: ٥٠] ؛ فقد أخبر سبحانه وتعالى أن المنافقين إن أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه نصر وغنيمة ساءهم ذلك، وإن أصابهم قتل وهزيمة، قالوا: عملنا بالحزم فلم نخرج معكم، ثم ينقلبون وهم فرحون بمصابكم وسلامتهم٤.


١ انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن بن سعدي ٧/ ٣٣٨.
٢ انظر المرجع نفسه ٢/ ١٥٤.
٣ انظر زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي ٣/ ٤٤٨.
٤ انظر المصدر نفسه ٣/ ٤٥٠.

<<  <   >  >>