للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مظاهر وسطية العقيدة الإسلامية:

لا يستطيع الإنسان أن يتحدث في صفحات محدودة، بل ولا مجلدات عن مظاهر وسطية العقيدة الإسلامية؛ لأن ذلك أكثر من أن يحصر؛ فالأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس، ورسولها -صلى الله عليه وسلم- أفضل رسول، وكتابها القرآن الكريم أفضل الكتب، وآخرها، والمهيمن عليها. فهي خيار في خيار.

ولي وقفتان، أتحدث من خلالهما عن مظاهر وسطية عقيدة هذه الأمة الوسط.

الوقفة الأولى: وسطية أمة الإسلام بين الأمم الأخرى:

بدت وسطية أمة الإسلام بين الأمم الأخرى في الأمور التالية:

١- في توحيد الله عز وجل، وصفاته: فهي وسط بين اليهود والنصارى؛ بين اليهود الذين وصفوا الرب سبحانه وتعالى بصفات النقص التي يختص بها المخلوق، وشبهوه به؛ فقالوا: إنه بخيل، وفقير، وأنه يتعب فيستريح، وأنه يتمثل في صورة البشر، وغير ذلك١.

وبين النصارى الذين وصفوا المخلوق بصفات الخالق عز وجل؛ فشبهوه به، وقالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، وإن المسيح ابن الله، وإنه يخلق، ويرزق، ويغفر، ويرحم، ويثيب، ويعاقب، إلخ٢.

وبينهما ظهرت وسطية المسلمين الذين وحدوا الله عز وجل، فوصفوه بصفات الكمال، ونزهوه عن جميع صفات النقص، وعن مماثلته لشيء من المخلوقات في شيء من الصفات، وقالوا: إن الله ليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله٣.


١ انظر تفصيل ذلك في كتاب: وسطية أهل السنة للدكتور محمد باكريم ص٢٣٨، ٢٤٤-٢٤٩.
٢ انظر المرجع نفسه ص٢٣٨، ٢٤٩-٢٥٧.
٣ انظر منهاج السنة النبوية لابن تيمية ٥/ ١٦٨-١٦٩.

<<  <   >  >>