للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- ما حرمه إسرائيل؛ يعقوب عليه السلام على نفسه، كما حكى تعالى ذلك عنه بقوله:

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} [آل عمران: من الآية ٩٣] .

ب- ما حرمه الله عز وجل عليهم جزاء بغيهم وظلمهم، كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [النساء: ١٦٠] .

والنصارى أسرفوا في إباحة المحرمات؛ فأحلوا ما نصت التوراة على تحريمه، ولم يأت المسيح عليه السلام بإباحته؛ فاستحلوا الخبائث، وجميع المحرمات؛ كالميتة، والدم، ولحم الخنزير١.

أما المسلمون: فقد أحلوا ما أحل الله لهم في كتابه، أو على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الطيبات، وحرموا ما حرم عليهم من الخبائث؛ كما قال الله عنهم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف آية ١٥٧] .

٥- في العبادة، فهي وسط بين اليهود والنصارى أيضا؛ فاليهود علموا، ولم يعملوا، فهم المغضوب عليهم؛ أعرضوا عن العبادات، واستكبروا عن طاعة الله، واتبعوا الشهوات، وعبدوا أنفسهم للمادة، فاشتغلوا بدنياهم عن دينهم وآخرتهم٢.

والنصارى لم يعلموا، وعبدوا الله على جهالة، فهم الضالون؛ غلوا في الرهبنة، وتعبدوا ببدع ما أنزل الله بها من سلطان؛ فاعتزلوا الناس في الصوامع، وانقطع رهبانهم للعبادة في الأديرة، وألزموا أنفسهم بما لم يلزمهم به الله، مما يشق على النفس والجسد، ويغالب الفطرة البشرية ويضادها، فلم يستطيعوا الوفاء بذلك، كما حكى الله عنهم: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: من الآية ٢٧] .


١ انظر كتاب الصفدية لابن تيمية ٢/ ٣١٣.
٢ انظر وسطية أهل السنة للدكتور محمد باكريم ص٢٤٠.

<<  <   >  >>