للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دل على هذا المقام قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" ١.

وتفريعها: أن يحب المرء لا يحبه إلا الله.

ودفع ضدها: أن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار٢؛ لأن من محبة الله بغض ما يبغضه، وأعظم ذلك الكفر.

٣- علاماتها: للمحبة علامتان، هما: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، والجهاد في سبيل الله عز وجل.

اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فمن كان محبا لله، لزم أن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، ويتأسى به فيما فعل٣. وقد أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لأمته: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] ؛ فليست المحبة مجرد دعوى باللسان؛ بل لا بد أن يصاحبها الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والسير على هداه.

الجهاد في سبيل الله عز وجل: فمن كان محبا لله، لزمه أن يجاهد في سبيله؛ "لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان"٤. وقد قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤] .

فتوعد من كان أهله وماله أب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله بهذا الوعيد٥.

وحقيقة محبة الله عز وجل لا تتم إلا بموالاته عز وجل؛ أي بموافقته فيما يحب ويكره؛ فيحب العبد ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه الله عز وجل.


١ صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان: باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٢ العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص١٦٠. وانظر الدين الخالص لصديق حسن خان ٢/ ٣٦٩.
٣ المصدر نفسه ص١٢٦-١٢٧.
٤ العبودية لابن تيمية ص١٢٧. وانظر الدين الخالص لصديق حسن خان ٢/ ٣٦١.
٥ العبودية لابن تيمية ص١٢٧.

<<  <   >  >>