للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن إذا لم يحمل القلب كفه ... على حالة لم يحمل الكف ساعد

منها:

بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قوم عند قوم فوائد

وكل يرى طرق الشجاعة والندى ... ولكن طبع النفس للنفس قائد

فإن قليل الحب بالعقل صالح ... وإن كثير الحب بالجهل فاسد

وقوله:

وما كل وجه أبيض بمبارك ... ولا كل جفن ضيق بنجيب١

كأن الردى عاد على كل ماجد ... إذا لم يعوذ مجده بعيوب٢

ولولا أيادي الدهر في الجمع بيننا ... غفلنا فلم نشعر له بذنوب

فرب كئيب ليس تندى جفونه ... ورب كثير الدمع غير كئيب

وفي تعب من يجحد الشمس ضوءها ... ويجهد أن يأتي لها بضريب٣

وقوله:

ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت ... على عينه حتى يرى صدقها كذبا

ومن تكن الأسد الضواري جدوده ... يكن ليله صبحا ومطعمه غصبا٤

ولست أبالي بعد إدراكي بالعلا ... أكان تراثًا ما تناولت أم كسبا

ويعجبني، من هذه القصيدة، قوله في مديح سيف الدولة وقد كسر الدمستق٥ على مرعش:

أتى مرعشًا يستقرب البعد مقبلًا ... وأدبر إذ أقبلت تستبعد القربا

كذا يترك الأعداء من يكره القنا ... ويقفل من كانت غنيمته رعبا

مضى بعدما التف الرماحان ساعة ... كما يلتقي الهدب في الرقدة الهدبا

ولكنه ولى وللطعن سورة ... إذا ذكرتها نفسه لمس الجنبا٦

فحب الجبان النفس أوردها البقا ... وحب الشجاع الحرب أوردها الخربا٧

وما أحلى ما قال بعده:

ويختلف الرزقان والفعل واحد ... إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا


١ نجُب: نجابة حمُد في نظره، أو في قوله وفعله.
٢ عوّذ: حمى.
٣ ضريب: شبيه.
٤ الضواري: مفردها ضاري وهو المفترس.
٥ الدمسق: لقب كان لقائد جيوش الروم - ومرعش: حصن.
٦ سورة: هيجان وغضب.
٧ الخربا: الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>