للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما كنت أحسبني أبقى إلى زمن ... يسيء بي فيه كلب وهو محمود

من علم الأسود المخصي مكرمة ... أقومه البيض أم آباؤه السود١

ومن أمثاله:

ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى

ومن أنصافه التي سارت أمثالًا: ولا بد دون الشهد من إبر النحل.

وقال من قصيدة:

قد كنت أحذر بينهم من مثل ذا ... لو كان ينفع خائفًا أن يحذرا

أعطي الزمان فما قبلت عطاءه ... وأراد بي فأردت أن أتخيرا

وقال من قصيدة:

وقد يتقارب الوصفان جدًّا ... وموصوفاهما متباعدان

وقوله:

نحن بنو الموتى فما بالنا ... نعاف ما لا بد من شربه

تبخل أيدينا بأرواحنا ... على زمان هي من كسبه

لو فكر العاشق في منتهى ... حسن الذي يسبيه لم يسبه

يموت راعي الضأن في جهله ... موتة جالينوس في طبه

وغاية المفرط في سلمه ... كغاية المفرط في حربه

فلا قضى حاجته طالب ... فؤاده يخفق من رعبه

وقال من قصيد:

إذا اشتبكت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكى

ولقد رأيت، هنا في هذا القدر الذي أوردته من شعر أبي الطيب، من إرسال المثل ما تطيب به الأذواق، وتجول به فرسان الإنشاء بالحمر من جياد الأقلام في ميادين الأوراق، وعلى كل تقدير فما لأبي الطيب في حكمه وأمثاله نظير.

وهنا نكتة لطيفة وهي أن صلاح الدين الصفدي كان مذهبه تقديم أبي الطيب المتنبي على أبي تمام، وهو مذهب أبي العلاء المعري، فإنه سمى ديوانه بعدما شرحه معجز أحمد فاتفق أن صلاح الدين اجتمع بابن نباتة، بالديار المصرية وذاكره في أبي


١ الأسود المخصي: كافور وكان عبدًا مخصيًّا إذ كان العبيد يخصون لأنهم كانوا يخدمون النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>