للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله: بما احتكمت من الدنيا، تكميل في غاية الكمال. ويعجبني، من هذا الباب، قول الشيخ جمال الدين بن نباتة في بعض مطالعه المقمرة:

نفس عن الحب ما حادت ولا غفلت ... بأي ذنب وقاك الله قد قتلت

معنى بيت الشيخ جمال الدين أيضًا تام، بدون قوله: وقاك الله، ولكن التكميل بوقاك الله قبل قتلت لا يصدر إلا من مثل الشيخ جمال الدين، وما أحقه هنا بقول القائل:

قالوا فهل يسمح الدهر الكريم لنا ... بمثله قلت لا والله قد حلفا

ومثله قولي في مطلع قصيدة:

قد مال غصن النقا عن صبه هيفا ... يا ليته بنسيم العتب لو عطفا

معنى البيت تام، بدون نسيم العتب، ولكن استعارة نسيم العتب هنا بعد ميل الغصن وذكر انعطافه غاية في باب التكميل، وفي مع التكميل المناسبة المعنوية والاستعارة اللطيفة، وناهيك بلطف نسيم العتب، وفيه التمكين والانسجام، ومثله قولي في مطلع قصيدة:

جردت سيف اللحظ عند تهددي ... يا قاتلي فسلبتني بمجرد

معنى البيت تام، بدون قولي يا قاتلي، وقولي يا قاتلي بعد تجريد سيف اللحظ أكمل من بدور الكمال، وقلت، بعد المطلع، ولم أخرج عن التكميل:

وأردت أن تسقى بماء حشاشتي ... حاشاك ما يسقي الصقيل من الصدى١

معنى البيت أيضًا تام، بدون قولي حاشاك، ولكنها زادت البيت تكميلًا رفعت به قواعده، ومثله قولي من قصيدة:

وأفردتموني للغرام لأنكم ... أخذتم كما شاء الهوى بمجامعي٢

معنى البيت تام، بدون قولي كما شاء الهوى، ولكن التكميل بها تكملت به محاسن البيت، ومثله قولي من قصيدة:

أذابت القلب في نار الهوى عبثًا ... ومذ سلبته وقالت إنه قالي٣

قالت سلوت لحاك الله قلت لها ... الله أعلم يا أسما من السالي٤


١ الحشاشة: الروح، الصقيل: من صفات السيف وهو المسنون، الصدى: العطشان أو الذي يعلوه الصدأ.
٢ أخذ بمجامعه: سيطر عليه تمامًا.
٣ لحاك الله: دعاء عليه بمعنى غضب الله عليك، أسما: ترخيم أسماء، السالي: الناسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>