للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا قلب كم خلفت ثم بثينة ... وأظن صبرًا أن يكون جميلا١

ومنه قوله وأجاد إلى الغاية

وقائل وثب الأعداء قلت له ... كما الفراش على نيرانه يثب

فإن ثوب الذي عاداكم كفن ... كما بيوت الذي عاصاكم ترب٢

بلغتموهم مناهم في ترفعهم ... والقوم ما ارتفعوا إلا وقد صلبوا

هل السيوف عيون في الجفون لكم ... فإنها لقراب البغي ترتقب٣

ومن نثره، في هذا الباب، قوله في يوم شديد المطر والبرد: والخادم في رأس جبل يتلقى الرحمة غضة قبل أن يبتذلها الناس، ويصافح الرياح عاصفة قبل أن تقتسمها الأنفاس، ويتلقى الرعد بالرعدة٤، وإذا السماء انشقت استصحاها المملوك بالسجدة٥.

وقد تقدم القول إن ممن أخذ عنه ونهل من موارده العذبة، القاضي السعيد ابن سنا الملك فمن نظمه في هذا الباب قوله:

أما والله لولا خوف سخطك ... لهان عليّ ما ألقى برهطك٦

ملكت الخافقين فتهت عجبًا ... وليس هما سوى قلبي وقرطك٧

ومنه قوله أيضًا:

وفي الحي من صيرتها نصب خاطري ... فما آذنت في نازل الشوق بمرفع

تتيه بفر منه أصل بليتي ... ولم أر أصلًا قط يسعى إلى فرع

ومنه قوله:

ليس إلا دمعي الذي من رأي جفـ ... ـني رآه كأن دمعي هدبي

أنجم الدمع لا تغيب شروقًا ... مع أني رأيتها في الغرب


١ بثينة: حبيبة جميل بن معمر الشاعر العذري، ويقصد بها مجرد الحبيبة، جميلًا: جميل بن معمر، والصبر الجميل.
٢ تُرب: خربة، فاسدة.
٣ عيون: حراس، الجفون: جمع جفن وهو غمد السيف، قراب: غمد، البغي: الظلم.
٤ الرعدة: الإرتجاف.
٥ استصحاها: طلب صحوها، بالسجدة: أي بسورة السجدة من القرآن الكريم.
٦ رهط الرجل: قومه وعشيرته.
٧ تاه: افتخر، القرط: ما تتحلى به المرأة في أذنيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>