للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا في الجناس المطلق:

جار الزمان فكفوا جوره وكفوا ... وهل أضام لدى عرب على أضم١

فالمطلق في أضام وأضم، وأما جار وجور فمشتق، ولكن لم يخف ما في البيتين من الثقل، مع خفة الالتزام، وبيت الشيخ عز الدين الموصلي:

فحي سلمى وسل ما ركبت بشذا ... قد أطلقته أمام الحي عن أَمَم٢

فالشيخ أتى بالنوعين في بيت واحد، وورى بالاسمين من جنس الغزل، ومع ذلك تلطف وتضاءل عليهم واحتشم، وبيتي، تقدّم ذكره، ولكن دعت الضرورة إلى ذكره هنا حسب المرسوم وهو:

بالله سر بي فسربي طلقوا وطني ... وركبوا في ضلوعي مطلق السقم

وفي تسمية النوع، هنا ما يغني عن التنبيه عليهما. وقد تقدم الشرح على كل واحد منهما، والشيخ صفي الدين والعميان لم يثقل التقييد بتسمية النوع لهم كاهلًا مع أن يكون مورى به من جنس الغزل، وشتان بين عالم الإطلاق والتقييد بضيق هذا الخناق، لأن الرقيق لم يقم له سوق، بل يصدق إذا ما ادعى عتقه، والله المسئول أن يقيم لنا سوق القبول، في متاجر الرقة، فإن الشيخ صفي الدين قال في خطبته، مع إطلاق قياده، فانظر أيها العالم الأديب إلى غزارة الجمع، وهي ضمن الرياقة٣ في السمع، ثم قال بعد ذلك:

ودع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى


١ كفوا: من وكف الدمْعُ إذا غزر - أضام: أضر - أضم: اسم جبل.
٢ عن أَمَمِ: عن كثب، عن قرب.
٣ الرياقة: ما يروق السمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>