للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأورد العميان في شرح بديعيتهم بيتين ذكروا أن تضمينهما لبعض المتقدمين المغاربة، وهما على طريقتهم، ولكن أعجباني، وهما:

وفرع كان يوعدني بأسر ... وكان القلب ليس له قرار

فنادى وجهه لا خوف فاسكن ... كلام الليل يمحوه النهار

ومن التضامين البديعة قول زكي الدين بن أبي الأصبع، وقد جعل مطلع أبي الطيب عجزين لبيتين، فلم يلحق فيهما، فإنه نقلهما من فخامة التحمس إلى زخارف الغزل بقوله:

إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... تذكرت ما بين العذيب وبارق

ويذكرني من قدها ومدامعي ... مجرّ عوالينا ومجرى السوابق

ومن تضامين ابن تميم:

عاينت في الحمام أسود واثيًا ... من فوق أبيض كالهلال المسفر١

فكأنما هو زورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر

وقال في الفانوس:

يقول لي الفانوس حين أتوا به ... وفي قلبه نار من الوجد تسعر

خذوا بيدي ثم اكشفوا الثوب تنظروا ... ضنى جسدي لكنني أتستر

وله:

أزهر اللوز أنت لكل زهر ... من الأزهار يأتينا إمام

لقد حسنت بك الأيام حتى ... كأنك في فم الدهر ابتسام

وقال:

لو كنت إذ أبصرتها موارة ... للشمس في أمواهها لألاء٢

لرأيت أعجب ما ترى من بركة ... سال النضار بها وقام الماء

وقال غيره، وسبكه في غير هذا القالب:

لو كنت في الحمام والحنا على ... أعطافه ولجسمه لألاء

لرأيت ما يسبيك منه بقامة ... سال النضار بها وقام الماء


١ واثيًا: مصابًا بالوثء وهو وصم يصيب لحم اليد ولا يبلغ العظم المسفر: المكشوف.
٢ أمواه: جمع ماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>