للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه ما أنشأته عن مولانا السلطان الملك المؤيد -سقى الله ثراه- جوابًا عن مكاتبة وردت من صاحب تونس، وهو المتوكل على الله أبو فارس عبد العزيز -رحمه الله- وهو: لا زالت سيوف عزائمه في الجهاد ماضية الضرب، ولا برح جوده وإقدامه متطابقين في السلم والحرب، تخصه بسلام هو لنا والشوق برد وسلام، وسقاية وداد ماء زمزم تسنيم قبولها إلا تعالى ذلك المقام، وتحيات تنطق بها عن مواظبة الخمس١ ألسنة الأقلام، وثناء يقلد بخالص عقوده جيد الزمان، وينسى قلائد العقيان، ومحبة يقمر صدقها في ذلك الأفق الغربي ويشمس، وتزيل وحشة من سلا عن غيرها في المغرب وتونس ... واستطردت مفاوضتكم إلى الوصية بحاج المغرب فبادرنا إلى قبول ذلك، فإن هذا قد يتبرك من النجب السائرة به بالمبارك، وقد أعدناه مصحوبًا بالسلامة وحداته٢ تطرب بنغمتها الحجازية، وتهيم اشتياقًا عند تشبيبها بذكرالطلعة المتوكلية، وأعدنا جواب ذلك على يد رسولكم الذي لم يقابل منا بغير القبول، ليكون خالص ودنا متمسكًا بالكتاب والرسول.

ومنه ما كتبته جوابًا عن مكاتبة وردت من الجناب العالي، الناصري محمد بن أبي يزيد بن عثمان، وهو: لا زالت تحياته مخصوصة منا بشرف التسليم، وسيره العثماني محفوظًا في بيعة المودة بالتقديم، وشعراء الإخلاص في كل بيت من معاني محبته تهيم، وفروض الجهاد بسيوفه المسنونة في كل وقت تقام، وبلاده الإسلامية محروسة بالجناب المحمدي عليه السلام، وهمزات عوامله بصدور الكفار موصوله، وألسن سيوفه بثغور بلادهم من رشف أرياق دمائهم مبلولة، ولا برح يجاهد في سبيل الله برًّا ويتخذ في البحر سبيله، فإنه من الذي علا بمحمد مقامه، وانسجم بالخلف العثماني نظامه، واقتدى بمشيختنا المؤيدية والنجح في هذا الاقتداء له شريك، وساعدته تورية السعادة لما تمسك بقول من قال: ولا بد من شيخ يريك، ولم يبق بعد الاقتداء بهذه المشيخة إلا الفتوحات المقبوله، والمشاركة في القبول على ما يرضي الله ورسوله، صدرت هذه المفاوضة إلى الجناب المحمدي تأرّج بطيب السلام عليه، وتنسم نسيمات القبول من أخبارها الطيبة ما تنقله إليه، وحملناها ثناء أطلقنا عنان كميت القلم وهو غرة في جبهته، وتوجهت رءوس الأقلام قبل ركوعها إلى قبلته، "ومن الإنشاء الملوكي ما أطلق به فصيح القلم لسانه وخضر الشباب على عوارض نفسه ومحاسن سجعاته، وقال الفاضل الناصر هذا الإنشاء الذي ما خرس لسانه قلمه ولا شابت لمة دواته" وتبدى لعلمه الكريم ورود ما أهداه من


١ الخمس: يعني الصلوات الخمس: الصبح والظهرين والمساءين.
٢ الحداة: جمع حادي، وهو الذي يسوق الإبل بالحداء وهو نوع من الغناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>