للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفرق بين التسجيع والتجزئة، اختلاف زنة أجزائه ومجيئه على قافية واحدة، من غير عدد معين محصور. وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته على التسجيع قوله:

فعال منتظم الأحوال مقتحم ... الأهوال ملتزم بالله معتصم

وبيت العميان:

من لي بمستلم لليد معتصم ... بالعيش لا مسئم يومًا ولا سئم١

وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:

كم قاتل بصحيح الجمع مقتحم ... وقائل لنظيم السجع ملتزم

قلت: الذي يظهر لي أن الشيخ عز الدين لم يمش في نظم بديعيته مشي محقق، لأنه تقرر عنده وعند الجماعة في شروحهم: أن التسجيع هو أن يأتي المتكلم في أجزاء بيته أو كلامه أو في بعضها، بأسجاع غير متزنه، والشيخ أتى في شطر بيته الأول بأسجاع قابل كلًّا منها في الشطر الثاني بوزنه، مثل: قاتل وقائل، وصميم ونظيم، وجمع وسجع، ومقتحم وملتزم، وهذا هو الترصيع بعينه. فإن الترصيع من شرطه أن تقابل كل لفظة من البيت بوزنها ورويها وليته نقل هذا البيت إلى الترصيع فإن بيته في الترصيع ناقص بالذي أظهره، مع قصر باعه فيه من الحشو، وهو:

كم رصعوا كلِمًا من درّ لفظهم ... كم أبدعوا حِكمًا في سر علمهم

مع أنه نظر في بيت الشيخ صفي الدين الحلي، وهو:

فعال منتظم الأحوال مقتحم ... الأهوال ملتزم بالله معتصم

ورأى اختلاف الوزن بين ملتزم ومعتصم.

وبيت بديعيتي أقول فيه:

سجعي ومنتظمي قد أظهرا حكمي ... وصرت كالعلم في العرب والعجم


١ المسئم: العمل المتعب. والسئم: الملول التعِب.

<<  <  ج: ص:  >  >>