للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول: الشافعي، وأحمد، وإسحاق) ١.

القول الثاني: لا يُشرع للإمام التأمين عقب قراءة الفاتحة. وإنما يُشرع لمن خلفه من المأمومين.

وإلى هذا القول ذهب: أبو حنيفة في رواية الحسن عنه٢، ومالك في رواية ابن القاسم، وهو قول ابن القاسم، والمصريين من أصحاب مالك٣، والمشهور في المذهب: أنه لا يؤمّن في الجهرية ٤.


١ سنن الترمذي ١/١٥٧.
٢ انظر: المبسوط ١/٣٢، البحر الرائق ١/٣٣١، حاشية ابن عابدين ١/٤٩٣.
٣ انظر: المدونة ١/٧٣، التمهيد ٧/١١، الاستذكار ٤/٢٥٣، أحكام القرآن لابن العربي ١/٧، الجامع لأحكام القرآن ١/١٢٩، شرح الزرقاني ١/٢٥٩، المحلى ٣/٢٦٤، حلية العلماء ٢/٩٠، المغني ٢/١٦١، الشرح الكبير ٣/٤٤٧، مختصر اختلاف الفقهاء ١/٢٠٢، المجموع ٣/٣٧٣، بدائع الصنائع ١/٢٠٧، حاشية ابن عابدين ١/٤٩٣، تفسير ابن كثير ١/٣٢، فتح الباري ٢/٢٦٣، سبل السلام ١/١٧٣. وعزاه الحاكم في المستدرك ١/٢٢٣ لأحمد وجماعة من أهل الحديث.
٤ تنبيه مهم: المشهور من المذهب عند المتأخرين، خلاف ما حكاه المتقدمون. بل جُلُّ من حكى مذهب مالك أشار إلى خلافه لرأي الجمهور. وأنه يرى عدم قولها، لا الإسرار بها. أو أشار إلى أن له روايتين: إحداهما، موافقة لقول الجمهور في مشروعية التأمين، لا الجهر به، كأبي حنيفة، وهي رواية المدنيين. والثانية، خلاف قول الجمهور. أي: بعدم قولها. وهي رواية ابن القاسم.
قال الماوردي في الحاوي ٢/١١١: (إذا فرغ الإمام من قراءة الفاتحة فقال: {وَلا الضَّالِّينَ} فمن السنة أن يقول بعده: آمين. ليشترك فيه الإمام والمأموم جهراً في صلاة الجهر..، وقال أبو حنيفة: يُسر به الإمام والمأموم في صلاة الجهر والإسرار. وقال مالك: يقوله المأموم وحده، دون الإمام) . وقال الصنعاني في سبل السلام ١/١٧٣: (يُشرع للإمام التأمين بعد قراءة الفاتحة جهراً..، وبشرعيته قالت الشافعية..، وقالت الحنفية: يُسر بها في الجهرية. ولمالك قولان: الأول كالحنفية. والثاني: أنه لا يقولها) . وظاهر ما في المدونة يدل على ذلك، فقد جاء فيها ١/٧٣: (وقال مالك: إذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن، فلا يقل هو: آمين. ولكن يقول ذلك من خلفه. وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فلا يقل هو: اللهم ربنا لك الحمد. ولكن يقول ذلك من خلفه. وإذا صلى الرجل وحده فقال: سمع الله لمن حمده، فليقل: اللهم ربنا ولك الحمد أيضاً. قال: وإذا قرأ وهو وحده، فقال: {وَلا الضَّالِّينَ} فليقل: آمين. قال مالك: ويخفي من خلف الإمام. آمين. ولا يقول الإمام: آمين. ولا بأس للرجل إذا صلى وحده أن يقول: آمين) .
أما المتأخرون: فقد ذهبوا إلى أن الإمام لا يؤمّن في الجهرية، ويؤمّن في السرية. قال خليل في مختصره: (وتأمين فذٍ مطلقاً، وإمام بسر) . وقال في شرح منح الجليل: “ (وإمام بسر) أي: في قراءة سرية، لا في قراءة جهرية”. وقال الدردير في الشرح الصغير على بلغة السالك ١/٤٤٩: “ (وتأمين فذٍ مطلقاً) في السر والجهر (كإمام في السر) فقط”. وقد بيّن الزرقاني ١/٢٥٩ أن لمالك روايتين غير رواية المدنيين، فقال: (وقال مالك في رواية ابن القاسم، وهي المشهورة: لا يؤمّن الإمام في الجهرية. وعنه: لا يؤمّن مطلقاً) . وانظر: القوانين الفقهية ص ٦٨، شرح منح الجليل ١/١٥٦.

<<  <   >  >>