للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يَنْسإِ اللهُ مِنَّا مَعْشَرًا شَهِدُوا * يَومَ الأُمَيْلِح، لا غَابُوا، ولا جَرَحُوا

عَقَّوْا بِسَهْم، فَلم يَشْعُر بِهِم أَحَدٌ * ثُم اسْتَفَاءُوا وقالوا حَبَّذَا الوَضَحُ (١)

قال الشافعي: فأمر الله تبارك وتعالى -إن فاءوا- أن يُصلَح بينهم بالعدل ولم يذكر تِبَاعَةً في دم، ولا مال، وإنما ذكر الله - عز وجل - الصُّلْح آخرًا، كما ذكر الإصلاح بينهم أولًا قبل الإذن بقتالهم، فأشبه هذا واللهُ أَعْلَمُ أن تكون التِّبَاعَاتُ في الجِراح والدماء، وما فات من الأموال: ساقطةً بينهم.

وقد يحتمل قولُ الله - عز وجل -: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [الحجرات: ٩]: أَنْ يُصْلَح بينهم بالحكم، إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حُكم، فَيُعْطَى بَعضُهم مِن بعض، ما وَجَب له؛ لقول الله - عز وجل -: {بِالْعَدْلِ} والعدل: أَخْذُ الحَقِّ لِبعضِ النَّاس مِن بَعْض (٢)» (٣). ثم اخْتار الأوَّل، وذكر حُجَّتَه

(١٤٧) أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي - رحمه الله -، قال: «قال الله - عز وجل -: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} إلى قوله تعالى: {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: ١ - ٣].


(١) البيتين في في «ديوان الهذليين» (٢/ ٣١)، و «شرح أشعار الهذليين» (٣/ ١٢٧٨)، و «خزانة الأدب» (٤/ ١٥٠)، و «تاج العروس» مادة: ملح = منسوبا للمُتَنَخِّل مالك ابن عويمر الهذلي، والله أعلم.

والأميلح: موضع في بلاد هذيل كانت به وقعة، وقوله: عقوا بسهم: أي رموا به إلى السماء، والوضح: اللبن.
(٢) قوله: (من بعض) ليس في «د»، و «ط».
(٣) «الأم» (٥/ ٥١٣).

<<  <   >  >>