الكفر، وأمر بقتال الكافرين حتى يؤمنوا، وأبان ذلك حتى يُظهِرُوا الإيمان، ثم أوجب للمنافقين- إذ أسَرُّوا الكفر- نَارَ جَهنَّم فقال:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}[النساء: ١٤٥]، وقال تعالى:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} إلى قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}[المنافقون: ٢] يعني واللَّهُ أَعْلَم: مِنَ القَتْل، فمنعهم مِن القَتل، ولم يُزِل عنهم-في الدنيا- أحكامَ الإيمان؛ بما أظهروا منه، وأوجب لهم الدَّرْكَ الأسْفَل مِن النار؛ لعلمه بسرائرهم، وخلافها لعلانيتهم بالإيمان، وأَعلَم عِبادَه -مع ما أَقامَ عليهم مِن الحُجَّة-: بأن لَيس كمثلِه أحدٌ في شِيء، إنَّ عِلمَه بالسَّرائِر والعَلانِية واحِد. فقال:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق: ١٦]، وقال - عز وجل -: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: ١٩].
مع آياتٍ أُخَر من الكتاب.
قال: وعَرَّف جَميعَ خلقِه -في كتابه-: أن لا عِلمَ لَهُم، إلا ما عَلَّمهم. فقال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}[النحل: ٧٨]، وقال:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[البقرة: ٢٥٥]، ثُمَّ مَنَّ عليهم بما آتاهُم مِن العِلم، وأمرهم بالاقتِصَار عليه، فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشورى: ٥٢] الآية.