للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهذا الإسناد، قال: قال الشافعي -فِيمَن حَلَف لا يُكَلِّم رَجُلًا، فَأرْسَل إليه رَسولًا، أو كتبَ إليه كتابًا-: «فَالوَرَعُ: أَن يَحْنَثَ، ولا يَبِينُ (١) أنَّه يَحْنَث؛ لأن الرَّسولَ والكِتَاب، غَيرُ الكَلام، وإن كان يَكُونُ كلامًا في حال.

ومَن حَنَّثَه ذَهبَ إلى أن اللهَ - عز وجل - قال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١].

وقال: إن الله - عز وجل - يقول للمؤمنين -في المنافقين-: {قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤] وإنما نَبَّأهُم مِن أخبارهم بِالوَحْي الذي نَزَلَ به جِبريلُ - عليه السلام - على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويخبرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بوحْي الله - عز وجل -.

ومن قال: لا يَحْنَث، قال: لأن كَلام الآدَمِيِّين لا يُشْبهُ كَلامَ اللهِ - عز وجل -، وكَلامُ الآدَمِيِّين بالمواجهة؛ ألا ترى أنه لَو هَجَر رَجُلٌ رَجُلًا، كانت الهِجْرَةُ مُحَرَّمةً عليه فَوق ثَلاثِ لَيَالٍ، فكتب إليه، أو أَرْسَل إليه، وهو يَقْدِرُ على كَلامِه= لَم يُخْرِجْهُ هذا مِن هِجْرَتِه التي يَأثَمُ بها» (٢).

قال الشافعي - رحمه الله -: «وإذا حَلَف الرَّجُلُ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوطٍ، فَجَمعها، فَضَربَه بها، فإن كان يُحِيطُ العِلْمُ أَنَّه إذا ضَربَه بها (٣)، مَاسَّه كُلُّها: فَقَد بَرَّ.


(١) قوله: (يبين)، في «د»، و «ط» (يتبين)، والمثبت من «م» و «الأم».
(٢) «الأم» (٨/ ١٨٢).
(٣) قوله: (بها)، ليس في «م».

<<  <   >  >>