للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاحتمل أَمرُ اللهِ بالإشهادِ عند البَيع أمرين:

أحدهما: أن يَكُونَ دلالة على ما فيه الحَظُّ بالشهادة، ومُبَاحُ تَركِهَا، لا

حَتمًا، يكونُ مَن تَركَه عاصيًا بتركه.

واحتمل: أن يكونَ حتمًا منه، يَعْصِي مَن تَرَكهُ بتركه.

والذي أختارُ: أن لا يَدَع المُتبايعَانِ الإِشهَادَ، وذلك أنهما إذا أَشْهَدا، لم يَبْق في أَنفُسِهما شيءٌ؛ لأن ذلك إن كان حتمًا، فَقد أَدَّياه، وإن كان دِلالةً، فقد أَخَذ (١) بالحَظِّ فيها.

قال: وكُلُّ ما نَدَبَ اللهُ - عز وجل - إليه -مِن فَرضٍ، أو دِلالَةٍ- فهو بَركَةٌ على مَن فَعلَه، ألا تَرى أن الإشهادَ في البيع، إذا كان دِلالةً، كان فيه (٢) أنَّ المتبايعَين، أو أحدهما إن أَرادَ ظُلمًا: قَامَت البَيِّنةُ عليه، فَيُمْنَعُ مِن الظُّلم الذي يَأثَمُ به.

وإن كان كارهًا: لا يُمْنَع منه، ولو نَسِي، أو وَهِمَ، فَجَحَد: مُنِع مِن المَأْثَم على ذلك، بالبينة، وكذلك وَرَثَتُهُما بعدهما.

أو لا ترى أنهما، أو أحدهما لو وَكَّل وكيلًا بِبَيْعٍ، فباع هو رَجُلًا، وباع وَكيلُه آخَر، ولم يُعْرَف أَيُّ البَيْعَيْن أَوله = لم يُعْط الأولُ مِن المُشتَرِيين (٣) بقول البائِع، ولو كانت بَيِّنةٌ (٤)، فَأَثْبَتَتْ أيهما أَوَّلُ: أُعْطِيَ الأَوَّلُ.

فالشهادةُ سَبَبُ قَطْعِ المَظَالِم، وتُثْبتُ الحُقُوقَ، وكُلُّ أَمْرِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ،


(١) قوله: (أخذ)، كذا، وفي «الأم» (أخذا).
(٢) قوله: (فيه)، في «د»، و «ط» (قيمة).
(٣) قوله: (المشتريين)، في الأصول (المشتري) والمثبت من «الأم».
(٤) قوله: (بينة)، في «م» (بينته).

<<  <   >  >>