للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقول الله - عز وجل -: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢].

يَحتَمِل ما وَصَفتُ: مِن أن لا يَأْبَى (١) كُلُّ شَاهِدٍ ابْتُدِئ، فَيُدعى ليشهد.

ويحتمل: أن يكون فَرضًا على مَن حَضَر الحَقَّ، أن يَشْهَد مِنهم مَن فِيه الكِفَايَةُ للشَهَادة، فإذا شَهِدُوا: أَخْرَجُوا غَيرَهُم مِن المَأْثَم، وإن تَرك مَن حَضَر، الشَّهَادة: خِفْتُ حَرجَهُم، بَل لا أَشُكُّ فيه، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وهذا أَشْبَهُ مَعانِيه وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قال: فَأمَّا مَن سَبقَت شَهادَتُه، بأن أُشْهِدَ، أو عَلِمَ حقًّا لِمُسْلِم، أو مُعَاهَدٍ، فلا يَسَعُه التَّخَلُّفُ عن تَأْدِيَة الشَّهَادة، متى طُلِبَت مِنه في مَوْضِعِ مَقْطَعِ الحَقِّ» (٢).

(١٩٦) أنبأني أبو عبد الله -إجازةً- أَنَّ أبا العباس حدثهم: أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعيُّ - رحمه الله -: «قال الله تَبارَك وتَعَالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ١٠٦].

وقال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢].

فكان الذي يَعْرِفُ (٣) مَن خُوطِبَ بهذا، أنه أُرِيدَ به: الأَحرارُ، المَرْضِيُّون، المُسْلِمُون، مِن قِبَلِ أَنَّ (٤) رِجالَنا ومَن نَرْضَى مِن أَهْلِ دِينِنا، لا المُشْرِكُون؛ لِقَطْعِ اللهِ الوَلايَةَ بَيْنَنا وبَينهُم بالدِّيْن.

ورِجَالُنا: أَحْرَارُنا، لا مَمَالِيكُنا الذين يَغْلِبُهم مَن يَمْلِكُهُم عَلى كَثيرٍ مِن أُمورِهم.

وأَنَّا لا نَرْضَى أَهلَ الفِسْقِ مِنَّا، وأَنَّ الرِّضَا: إنَّما يَقَعُ عَلى العُدُول مِنَّا، ولا يَقَعُ إلا عَلى البَالِغِينَ؛ لأنَّه إِنَّما خُوطِبَ بالفَرَائِض: البَالِغُونَ، دُونَ مَنْ لَم يَبْلُغ» (٥).


(١) في الأصول: (يأتي) والمثبت من «الأم».
(٢) «الأم» (٤/ ١٨٢).
(٣) زاد هنا في «د» (أن).
(٤) كلمة (أن) ليست في «د»، و «ط».
(٥) «الأم» (٨/ ١٩٩).

<<  <   >  >>