للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينادي برئت الذمة من رجل كشف وجهه لفاقة إلاّ حضر فيحضر لذلك من يحضر، لا يرد أحد، والأمناء جلوس فإذا رأوا إنساناً لم تجر عادته بذلك أفرد بعد قبض ما يقبضه حتى إذا فرق المال واجتمع من هذه الطائفة عدة، دخل أمناء فرعون إليه وهنئوه بتفرقة المال ودعوا له بالبقاء الطويل والعز والسلامة، وأنهوا إليه حال الطائفة [المذكورة] (١).

فيأمر بتغيير شعثها بالحمام واللباس، ثم تمد الأسمطة فيأكلون بين يديه ويشربون، ثم يستعلم من كل واحد سبب فاقته، فإن كان من آفة الزمان رد عليه مثل ما كان وأكثر، وإن كان عن سوء رأى وضعف تدبير ضمه إلى من يشرف عليه ويقوم بالأمر الذي يصلح له، من العين مائتا ألف دينار. ولما يصرف لنفقات فرعون الراتبة لسنة واحدة مائتا ألف دينار، فذلك جملة ما تبين وفصل في هذه الجهات المذكورة من العين تسعة آلاف ألف وثمانمائة ألف دينار (٢).

ويحصل بعد ذلك ما يتسلمه يوسف عليه السلام ويجعله لفرعون في بيت المال لنوائب الدهر و [حادثات] (٣) الزمان مكنوزاً أربعة عشر ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار *.

قال: وكانت مصر يومئذ عمارتها متصلة أربعين فرسخاً في مثلها ولم تزل الفراعنة تسلك هذا المسلك إلى أيام فرعون موسى عليه السلام، فإنه عمرها عدلاً وسماحة، ثم خربت بعد فرعون موسى خراباً أخبر الله عز وجل عنه بقوله {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} [سورة الأعراف:١٣٧].

وكان فرعون الأول يجبيها تسعين ألف ألف دينار، يخرج من ذلك عشرة آلاف ألف دينار لمصالح الناس من أولاد الملوك وأهل التعفف، وعشرة آلاف ألف للولاة والجند والكتاب، وعشرة آلاف ألف لمصالح فرعون، ويكنزون لفرعون خمسين ألف ألف دينار (٤).


(١) من الخطط.
(٢) تحرفت هذه العبارة فى الأصلين واعتمدنا فى تصويبها على ما جاء بالخطط ج ١ ص ٧٦
(٣) من الخطط.
(٤) ابن ظهيرة ص ١٢١