للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكتب معاوية إلى عمرو بن العاص في ولايته الثانية وهو من قبله على مصر: أما بعد، فإن زوار أهل العراق وسؤال الحجاز قد كثرو على، فأعنى بخراج سنة، والسلام.

فكتب إليه عمرو: أما بعد، فإن في طلبك خراج مصر شجا في حلقك، وليت بك إليه من حاجة، وعندك ما يكفيك (١)

فكتب إليه معاوية:

لعمرو وأي عمرو، لقد ضل رأيه … وقد كان في الحوادث ذا أرب

يرى أن مصر عن أبيه وراثة … وليست بميراث جد ولا أب

تركت رجالا من قريش حقوقهم … كحقك، صاروا عند قاصية السرب

فكتب إليه عمرو بن العاص:

معاوى، إن نذكرك نفسي شحيحة … فما مورثي مصرا عن أمِّ ولا أبِ

وما نلتها طوعا ولكن شرطتها … وقد قامت الحرب العوان على قطبِ

فإن كان لا يرضيك إلا انتزاعها … فدونكها تهوى على مركب صعبِ

ودونكها فيها القطيعة بيننا … ودون التي حاولت خطب من الخطبِ

قال: فلما ورد الكتاب على معاوية قال: جد أبو عبد الله، دعوه عنا. وكتب عمرو إلى معاوية في وقت آخر: معاوي، لا أعطيك لين قطراته به منك دينا، فانظرن كيف تصنع، فإن تعطني مصراً فأربح نصفه أخذت بها شيخاً يضر وينفع، فلما أعطاه معاوية مصر طمعه، قال له ابنه محمد: وما مصر؟ قال له أبوه: لا أشبع الله بطنك، فكان عمرو إذا لم يتعاى ولم يقف يشبهها بالجوهر ويشبهها بالذهب ويشبهها بالجنة.

وقال بعض علماء مصر يصفها: هي في أول وقت مسكة سوداء، ثم يركبها نيلها فتصير لؤلؤة بيضاء، ثم ينحسر عنها وتنبت فتصير زمردة خضراء، ثم يشتد فتصير تبرة صفراء، ثم تستحصد فتصير كِيَسَة (٢) في صناديق الملوك وأكمام الرجال (٣).


(١) ابن ظهيرة ص ٢٨
(٢) الكيس: وعاء معروف يكون للدراهم والدنانير. وصرة مقدرة من المال كانت متداولة فى التعامل، وجمعه كيسة.
(٣) النويرى: نهاية الأرب ج ١ ص ٣٥٧