للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شهواتها فيما يحل، فمن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقل، ولا يضيعن المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه، فيحور من الخير عاطلا، وعن حلال الله وحرامه غافلا.

يا معشر الناس! إنه قد تدلت الجوزاء، وذكت الشعري، وأقلعت السماء، وارتفع الوباء، وقل الندى، وطاب المرعى، ووضعت الحوامل، ودرجت السخائل، وعلى الراعي لرعيته حسن النظر، فحيُّ (١) لكم على بركة الله إلى ريفكم، تنالوا (٢) من خيره ولبنه، وخرافه وصيده، وأرتعوا خيلكم وسمنوها، وصونوها، وأكرموها، فإنها جنتكم من عدوكم، وبها مغانمكم و [حمل] (٣) أثقالكم، واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيراً، وإياكم والمشمومات المعسولات، فإنهن يقللن الدين، ويقصرن العمر.

وحدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستفتح عليكم مصر، فاستوصوا بقبطها خيرا، فإن لكم منهم صهرا وذمة فعفوا أيديكم وفروجكم، وغضوا أبصاركم، ولا أعلمن ما أتى رجل قد أسمن نفسه، وأهزل فرسه واعلموا أني معترض الخيل اعتراض الرجال، فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك. واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة، لكثرة الأعداء حولكم، وتشوف قلوبهم إليكم وإلى داركم، فإنها معدن الزرع، والمال الكثير، والخير الواسع، والبركة النامية (٤).

وحدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا بها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال: لأنهم وأزواجهم وأبناؤهم في رباط إلى يوم القيامة.

فاحمدوا الله معاشر الناس على ما أولاكم، وتمتعوا في ريفكم (٥) ما طاب


(١) أقبلوا.
(٢) كذا فى ز، ومثله لدى السيوطى فى حسن المحاضرة ج ١ ص ١٥٤. وفى ح: «فنالوا» ومثله لدى ابن عبد الحكم ص ١٤٠ فتوح مصر.
(٣) من الفضائل الباهرة.
(٤) فى الأصلين «التامّة» والمثبت لدى ابن ظهيرة ص ١١٩ وهو ينقل عن ابن زولاق. وانظر لذلك أيضا: النجوم الزاهرة ج ١ ص ٧٤. وحسن المحاضرة ج ١ ص ١٥٤
(٥) لدى ابن ظهيرة ص ١٢٠ وهو ينقل عن ابن زولاق «ربيعكم».