(وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) يعني لا تتجاوز عيناك إلى غيرهم؛ بل كن دائماً ناظراً إليهم، وكن معهم في دعائهم وعبادتهم وغير ذلك، وهذا كقوله تعالى:(وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)(طه: ١٣١) فقوله تعالى: (وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) يعني: اجعل عينيك دائماً فيهم.
وهنا قال:(وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي: لا تنظر إلى أهل الدنيا وما متعوا به من النعيم، ومن المراكب، والملابس، والمساكن، وغير ذلك.
فكل هذا زهرة الدنيا، والزهرة آخر مآلها الذبول واليبس والزوال، وهي أسرع أوراق الشجرة ذبولاً وزوالاً، ولهذا قال: زهرة، وهي زهرة حسنة في رونقها وجمالها وريحها ـ إن كانت ذات ريح ـ لكنها سريعة الذبول، وهكذا الدنيا، زهرة تذبل سريعاً، نسأل الله أن يجعل لنا حظاً ونصيباً في الآخرة.
يقول (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ، أي: رزق الله بالطاعة، كما قال تعالى:(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)(طه: ١٣٢)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئاً يعجبه من الدنيا قال ((اللهم إن العيش عيش الآخرة)) كلمتان عظيمتان، فالإنسان إذا نظر إلى الدنيا ربما تعجبه