هذا يطفئ الغضب، فإذا أحسست بالغضب؛ فاستعمل هذا الذي أرشدك إليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يزول عنك، وإلا فكم من إنسان أي به غضبه إلى مفارقة أهله فما أكثر الذين يقولون: أنا غضبت على زوجتي فطلقتها ثلاثاً، وربما يغضب ويضرب أولاده ضرباً مبرحاً، وربما يغضب ويكسر أوانيه، أو يشق ثيابه، أو ما أشبه ذلك مما يثيره الغضب، ولهذا قال تعالى:(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) مدحهم لأنهم ملكوا أنفسهم عند ثورة الغضب.
(وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) يعني الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا، ولكنه بين في قوله تعالى:(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى: ٤٠) أن العفو لا يكون خيراً إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك؛ لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ، قليل العدوان، لكن الأمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو، ومن ذلك حوادث السيارات التي كثرت، فإن بعض الناس يتسرع، ويعفو عن الجاني الذي حصل منه الحادث، وهذا ليس بالأحسن، الأحسن أن تتأمل وتنظر: هل هذا السائق متهور ومستهتر؛ لا يبالي بعباد الله ولا يبالي بالأنظمة؛ فهذا لا ترحمه، خذ بحقك منه كاملاً،