للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف في الجمع بين هذه النصوص، والذي عليه الأئمة الجامعون بين الفقه والحديث، كالإمام الخطابي والبغوي والمازري والقاضي عياض والنووي؛ أن النهي محمول على التنزيه والإرشاد والتأديب، لا على التحريم، وأما شربه -صلى الله عليه وسلم- قائماً فلبيان الجواز (١). قال الحافظ ابن حجر: «وهذا أحسن المسالك وأسلمها وأبعدها من الاعتراض» (٢).

* الوجه الرابع: قال ابن القيم: «وللشرب قائماً آفات عديدة، منها: أنه لا يحصل به الري التام، ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء، وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها، ويشوشها، ويسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج، وكل هذا يضر بالشارب، وأما إذا فعله نادراً أو لحاجة لم يضره» (٣) انتهى كلامه رحمه الله.

* الوجه الخامس: ورد في صحيح مسلم من طريق عمر بن حمزة، عن أبي غطفان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يشربن أحد منكم قائماً، فمن نسي فليستقي» (٤).

وهذا الحديث الذي فيه الأمر بالاستقاء لمن شرب قائماً؛ تكلم فيه بعض أهل العلم، بالرغم من إخراج مسلم له، فقال القاضي عياض: «لا خلاف بين أهل العلم أن من يشرب قائماً ناسياً فليس عليه أن يستقي،


(١) «عمدة القاري» ٢١/ ١٩٣.
(٢) «فتح الباري» ١٠/ ٨٤.
(٣) «زاد المعاد» ٤/ ٢١٠.
(٤) «صحيح مسلم» (٢٠٢٦).

<<  <   >  >>