فهذه ثلاث روايات صحيحة متعارضة عن السيدة عائشة في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للضحى. فالرواية الأولى تثبتها مطلقاً، والرواية الثانية تنفيها مطلقاً، والرواية الثالثة تقيدها بالقدوم من سفر.
وأجيب عن هذا بأن رواية الإثبات المطلق مبنية على ما علمته عائشة من غيرها، أي ما روته لا ما رأته. ورواية النفي المطلق محمولة على حسب رؤيتها، أي أنها لم تر النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بعينها. وراية التقييد بالغيبة محمولة على حسب ما بلغها. وقد أثبت غيرها من الصحابة صلاته -صلى الله عليه وسلم- لها، وحثه عليها وترغيبه فيها، ومن علم حجةٌ على من لم يعلم، فهذا أحسن ما يمكن قوله في الجمع بين الروايات (١).
* الوجه السابع: اختلف العلماء هل الأفضل المداومة على صلاة الضحى أو لا على قولين؟ فقيل: لا يداوم عليها، لقول عائشة -رضي الله عنها- المتقدم: ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه.
لكن سبق الجواب عن هذا الحديث، وقلنا: إن عائشة -رضي الله عنها- قالته بحسب ما بلغها، بينما أثبت غيرها من كبار الصحابة الترغيب في صلاتها مطلقاً والوصية بها، كحديثي أبي ذر وأبي هريرة المتقدمين، لذلك كان الأرجح استحباب المداومة والمواظبة عليها: لمن تيسر له ذلك، والله تعالى أعلم.