للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«كانت قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل يرفع طوراً ويخفض طوراً» (١).

* الوجه الثالث: الحديث فيه دليل على جواز الجهر والإسرار في صلاة الليل، لثبوت الأمرين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

واختلفوا أي الأمرين أفضل، فقال النووي: «الإخفاء أفضل، حيث خاف الرياء، أو تأذى مصلون، أو نيام بجهره، والجهر أفضل في غير ذلك، لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين، ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همّه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم، ويزيد في النشاط» (٢).

ويحتمل أن يقال: يفعل هذا تارة وهذا تارة تأسياً به -صلى الله عليه وسلم-.

وأما النوافل النهارية فيستحب فيها الإسرار بالقراءة عند جميع العلماء، قال النووي رحمه الله: «نوافل النهار يسنّ فيها الإسرار بلا خلاف» (٣).

* الوجه الرابع: الجهر بالقراءة المقصود به الجهر اليسير الذي يسمع فيه المرء من بجواره، وليس برفع الصوت عالياً فيؤذي الناس، ويشهد لذلك ما أخرجه أبو داود عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر فقال: «ألا إن كلكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة»، أو قال: «في الصلاة» (٤).


(١) «سنن أبي داود» (١٣٢٨)، وحسن إسناده النووي في «المجموع» ٣/ ٣٩١.
(٢) نقله عنه السيوطي في «الإتقان في علوم القرآن» ١/ ٣٧٤.
(٣) «المجموع شرح المهذب» ٣/ ٣٩١.
(٤) «سنن أبي داود» (١٣٣٢)، وقال النووي في «المجموع» ٣/ ٣٩٢: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>