للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

(لا تطروني): الإطراء: المدح بالباطل، تقول: أطريت فلاناً: مدحته فأفرطت في مدحه، أفاده الحافظ ابن حجر (١). وقيل: الإطراء: مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه (٢).

وكلا التعريفين صحيح.

* الوجه الرابع: دل الحديث على تحريم المبالغة في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم-، والغلو في ذلك ومجاوزة الحد المسموح، كما وقع للنصارى عندما غلوا في مدح سيدنا عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، فقالوا: هو إله أو ابن إله!! تعالى الله عن ذلك.

* الوجه الخامس: في الحديث حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على صيانة التوحيد، والخوف على أمته من الوقوع في الشرك، الذي وقعت فيه الأمم السابقة، فإن النصارى إنما كفروا بالله عندما غلوا في نبيهم عيسى بن مريم بوصفه بالألوهية والبنوة لله تعالى، كما قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: ١٧].

* الوجه السادس: دل الحديث على عظيم تواضعه -صلى الله عليه وسلم- عندما اكتفى بقوله: «فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله»، ففيه هضمه لنفسه وإظهاره التواضع، مع أنه سيد الخلق وإمامهم، وهذا هو موضع الشاهد من الحديث الدال على تواضعه -صلى الله عليه وسلم-، وليس قوله «لا تطروني»، لأن الإطراء محرم شرعاً


(١) «فتح الباري» ٦/ ٤٩٠.
(٢) «عمدة القاري» ١٦/ ٣٧.

<<  <   >  >>