للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: «ما رأيت من ذي لِمَّة (١) أحسن في حلة حمراء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شعره يضرب منكبيه» (٢).

وثبت من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كان له شعر فوق الجُمَّة ودون الوَفْرة» (٣).

والجُمّة: الشعر يسقط على المنكبين، والوَفْرة: الشعر إذا وصل شحمة الأذن، كما في النهاية لابن الأثير.

وهذه الروايات وإن كانت متعارضة في الظاهر، لكن ليس الأمر كذلك، فقد جمع العلماء بينها بأجوبة أقواها وأرجحها: أن شعره -صلى الله عليه وسلم- كان يختلف طولاً وقصراً من وقت لآخر، فكان يطول أحياناً ويقصر أحياناً، فكل صحابي وصف ما رأى، قال الإمام النووي رحمه الله: إن ذلك يرجع لاختلاف الأوقات، فإذا غفل -صلى الله عليه وسلم- عن تقصيره بلغ المنكب، وإذا قصره كان إلى أنصاف الأذنين، فكان يقصر ويطول بحسب ذلك (٤).

وبنحوه قال الإمام ابن كثير: «ولا منافاة بين الحالين، فإن الشعر تارة يطول، وتارة يقصر منه، فكل حكى بحسب ما رأى» (٥).

وقال الحافظ ابن حجر: «كون شعره -صلى الله عليه وسلم- كان إلى قرب منكبيه كان غالب


(١) (اللمة) بالكسر: الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغ المنكبين فهي جُمة، كما في مختار الصحاح.
(٢) «صحيح البخاري» (٣٥٥١)، «صحيح مسلم» (٢٣٣٧) واللفظ له.
(٣) «سنن الترمذي» (١٧٥٥)، وصححه، وصححه الألباني في «مختصر الشمائل» (٢٢).
(٤) «شرح صحيح مسلم» للنووي ١٥/ ٩١.
(٥) «البداية والنهاية» ٨/ ٤١٢.

<<  <   >  >>