للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلّفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه، وتمسك أبو بكر بالعموم، واختلفا في أمر محتمل للتأويل» (١).

وكلام الحافظ هذا فيه جواب عمَّا استشكله الحافظ ابن كثير، عندما قال: إنه لا يدري ما وجه غضب فاطمة -رضي الله عنها- على أبي بكر، بعد أن حدَّثها بالحديث (٢)، فقد وضح الآن أنها تأولت الحديث، على أن المراد به: تملُّك الأصول والرقاب دون المنفعة.

* الوجه الخامس: ذكر العلماء: أن الحكمة في أن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يورثون، أنه لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موتهم فيهلك بذلك، وحتى لا يظن بهم الرغبة في الدنيا وجمع حطامها لورثتهم.

وقال الشيخ محمد العثيمين في بيان حكمة عدم توريث الأنبياء: «لأنهم لو ورثوا لقال من يقول: إن هؤلاء جاءوا بالرسالة يطلبون ملكاً يورث من بعدهم؛ ولكن الله عز وجل منع ذلك، فالأنبياء لا يورثون، بل ما يتركونه يكون صدقة يصرف للمستحقين له» (٣).

* الوجه السادس: من الأمور التي يستحسن التنبيه عليها؛ أن أبا بكر الصديق لم يمنع فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحدها من ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل لقد منع كل من كان مستحقاً لإرثه -صلى الله عليه وسلم- لو كان يورث، ومنهم عمّه العباس وجميع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بمن فيهم ابنته عائشة -رضي الله عنهم- جميعاً، وإذن فلم يخص أبو بكر فاطمة بالمنع وحدها فقط.


(١) «فتح الباري» ٦/ ٢٠٢.
(٢) ينظر «البداية والنهاية» ٥/ ٣٠٧.
(٣) «شرح رياض الصالحين» ١/ ٢٠٥.

<<  <   >  >>