للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- الشدة أحيانا على من لا يخاف عليه النفرة بالشدة، وعنده من العلم ما لا ينبغي معه أن يسأل هذا السؤال؛ كحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ نَفَرًا كَانُوا جُلُوسًا بِبَابِ النَّبِيِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا وَكَذَا -وفي رواية أنهم تكلموا في القدر- فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَخَرَجَ كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ فَقَالَ: «بِهَذَا أُمِرْتُمْ - أَوْ بِهَذَا بُعِثْتُمْ - أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، إِنَّمَا ضَلَّتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا، إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا هَاهُنَا فِي شَيْءٍ، انْظُرُوا الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ، فَاعْمَلُوا بِهِ وَالَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (١) .

ثانيا: وأما إن كان السائل يسأل تعنتا، فإن لهم معه طرقا كثيرة:

١- تعليمه السؤال الصحيح: عن عامر بن وائلة، أن ابن الكواء سأل عليا - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين ما الذاريات ذروا؟ قال: ويلك سل تفقها، ولا تسأل تعنتا (٢) .

٢- تأديبه إن كان له عليه قدرة وسلطة: كما فعل عمر - رضي الله عنه - مع صبيغ؛ فعن السائب بن يزيد، أن رجلا قال لعمر - رضي الله عنه -: إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن، فقال عمر: اللهم أمكني منه. فدخل الرجل على عمر يوما وهو لابس ثيابا وعمامة، وعمر يقرأ القرآن، فلما فرغ قام إليه الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين ما الذاريات ذروا؟ فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده، ثم قال: ألبسوه ثيابه واحملوه على؛ قتب، وأبلغوا به حيَّه، ثم ليقم


(١) أخرجه الإمام أحمد (٦٨٠٦) ، وابن ماجه (في المقدمة في باب: في القدر، رقم: ٨٥) ، وإسناده حسن.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/٢١) .

<<  <   >  >>