للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-إن كان ينكر آحاد هذه المعجزات مع إيمانه بمبدأ المعجزات -كما هو الحال عند معظم المستشرقين والمعاصرين- قلنا له: بما أنك تؤمن بإمكان وقوع المعجزات، فليس لك حق أن تتخير منها ما تشاء فتقبله وترد منها ما تشاء، بل الذي يخرق العادة هو الله تعالى، والله يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه، فإذا ثبت النقل فهذا كافٍ في إثبات صحتها، وكون العقل لا يقبلها هذا أمر لا بد منه؛ إذ أن صفة المعجزة أنها تحير العقول وتخرق العادات.

-وأما إن كان يرفض مبدأ المعجزة بالكلية؛ قلنا له: إنك بهذا الرفض قد أنكرت نبوة جميع الرسل والنبيين؛ إذ إن الرسل والأنبياء إنما يدللون على صحة قولهم بخرق العادة لهم، التي لا يخرقها الله تعالى إلا لصادق، وبهذا تسلم لهم الجموع وتنقاد، فإنكار المعجزات كلها كفر بالأنبياء، وتكذيب لله تعالى، وإلحاد في جميع الأديان.

وبهذا لا يبقى للمنكر أي حجة في إنكار وقوع هذه الحادثة.

أرأيت كيف فتح بعض المعاصرين الباب للطاعنين، عفا الله عنهم وغفر لهم.

المطلب الرابع: إقرار الله تعالى له ولدعوته واستجابة دعائه (١) :

من أدلة صدق النبي (صلى الله عليه وسلم) إقرار الله لدعوته؛ فإن الله تعالى أخبر أن محمدا لو تقوّل على ربه شيئا من الأقاويل لأهلكه (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ () لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ () ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ () فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ( [الحاقة:٤١-٤٧] ، وقال سبحانه {قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه:٦١] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [يونس:٦٩] ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: ٣] ، ولكن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما خاب بل هُدي وأفلح في كل المجالات، ودينه أعظم الأديان في الأرض وأكثرها انتشارا.


(١) هذان دليلان (الإقرار - الاستجابة) ولكن جمعتهما للاختصار.

<<  <   >  >>