للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على كتابه ورسوله ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان والسيف والسنان والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الايمان، وكان انتهي إلينا مسائل أوردها بعض الكفار الملحدين على بعض المسلمين، فلم يصادف عنده ما يشفيه، ولا وقع دواؤه على الداء الذي فيه، وظن المسلم أنه بضربه يداويه، فسطا به ضربا وقال: هذا هو الجواب. فقال الكافر: صدق أصحابنا في قولهم، إن دين الإسلام إنما قام بالسيف لا بالكتاب، فتفرقا وهذا ضارب وهذا مضروب وضاعت الحجة بين الطالب والمطلوب، فشمر المجيب ساعد العزم، ونهض على ساق الجد، وقام لله قيام مستعين

به، مفوض إليه، متكل عليه في موافقة مرضاته، ولم يقل مقالة العجزة الجهال: إن الكفار إنما يعاملون بالجلاد دون الجدال، وهذا فرار من الزحف، وإخلاد إلى العجز والضعف، وقد أمر الله بمجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة، وإزاحة للعذر، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة، والسيف إنما جاء منفذا للحجة، مقوما للمعاند، وحدا للجاحد قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} [الحديد: ٢٥] فدين الإسلام قام بالكتاب الهادي، ونفذه السيف الماضي:

فََمَا هُوَ إلاَّ الوَّحْيُ أو حَدُّ مُرْهَفٍ (١) يُقيمُ ظَبَاهُ (٢) أخْدَعَيْ (٣) كل مائلِ

فهذا شفاءُ الدَّاءِ مِنْ كُلِّ عالمٍ وهذا دواءُ الدَّاءِ مَنْ كُلِّ جاهِلِ) (٤)


(١) حد مرهف: المرهف السيف الحاد. (مختار الصحاح (١/١٠٩) .
(٢) ظباه: ظب السيف جمع ظُبَة، وهو حد السيف. (لسان العرب (١٥/٢٢) .
(٣) الأخدعان: عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق. (لسان العرب (٨/٦٦)
(٤) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، لابن القيم (ص: ٣١) والبيتان لأبي تمام: انظر: "المثل السائر"٢/٢٩٥.

<<  <   >  >>