(فصل في القول عند تعارض الآي: قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: إذا تعارضت الآي، وتعذر فيها الترتيب والجمع، طلب التاريخ، وترك المتقدم منهما بالمتأخر، ويكون ذلك نسخا له. وإن لم يوجد التاريخ، وكان الإجماع على استعمال إحدى الآيتين، علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعوا على العمل بها.
قال: ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تعريان عن هذين الوصفين.
وذكروا عند التعارض مرجحات:
الأول: تقديم المدني على المكي، وإن كان يجوز أن تكون المكية نزلت عليه صلى الله عليه وسلم بعد عوده إلى مكة، والمدنية قبلها، فيقدم الحكم بالآية المدنية على المكية في التخصيص والتقديم؛ إذ كان غالب الآيات المكية نزولها قبل الهجرة.
الثاني: أن يكون أحد الحكمين على غالب أحوال أهل مكة، والآخر على غالب أحوال أهل المدينة، فيقدم الحكم بالخبر الذي فيه أحول أهل المدينة، كقوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا (مع قوله: {كتب عليكم القصاص في القتلى}[سورة البقرة ١٧٨] فإذا أمكن بناء كل واحدة من الآيتين على البدل، جعل التخصيص في قوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا (كأنه قال إلا من وجب عليه القصاص ومثل قوله: {غير محلي الصيد وأنتم حرم}[سورة المائدة: ١] ونهيه (عن قتل صيد مكة مع قوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين}[سورة المائدة: ٤] فجعل النهي فيمن اصطاده في الحرم، وخص من اصطاده في الحل وأدخله حيا فيه.
الثالث: أن يكون أحد الظاهرين مستقلا بحكمه، والآخر مقتضيا لفظا يزاد عليه، فيقدم المستقل بنفسه عند المعارضة والترتيب، كقوله