للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن قالوا: لا يوجد دليل آخر على نبوة موسى عليه السلام. قلنا: إذن أنتم صَحَّحْتم مذهب مَن كفر بموسى عليه السلام من قومه؛ حيث إن موسى عليه السلام لم يأت بدليل على رسالته، ولم ينزل عيسى عليه السلام في ذلك الوقت، وأثبتم لمن آمن به أنه آمن بغير بينة ولا علم ولا دليل، وأن رسالة موسى علقت عن التصحيح قرونا متطاولة حتى بعث الله عيسى عليه السلام.

فإن قالوا: نعم، هناك أدلة أخرى على رسالة موسى عليه السلام.

قلنا: كل دليل استدللتم به على نبوة موسى عليه السلام هو موجود في محمد (صلى الله عليه وسلم) .

وبعد هذا فلا حجة لرجل لا يؤمن بالنبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن صدق الله إذ يقول: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: ١٩٨] ، يعني ينظرون إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ودلائل صدقه, ثم لا يبصرون كأنهم عميان (١) .

فإذا ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صادق، فإنه أخبرنا أن هذا القرآن كلام الله عز وجل منزل من عنده سبحانه حقا، فحصل بهذا المراد، وهو إثبات أن القرآن من الله تعالى.


(١) وهذا أحد معان الآية، فبعض رأى أن المقصود بالآية هم الأصنام، فهي كأنها تنظر ولكنها لا تبصر، وبعضهم قال: إن المقصود بالآية هم المشركون - كما روى عن مجاهد وغيره - أي وإن كانوا ينظرون إليك يا محمد (صلى الله عليه وسلم) ولكنهم لا ينتفعون بالنظر والرؤية. انظر: "محاسن التأويل"، للقاسمي (٣/٦٨٣) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، الطبعة الأولي، ١٩٩٤.

<<  <   >  >>