وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه، وقلتم: مجنون. لا والله ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه، يا معشر قريش انظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي (١) ، عن محمد بن كعب، قال: حُدَّثْتُ أن عتبة بن ربيعة قال ذات يوم ورسول الله (في المسجد: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه، فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضها ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا أبا الوليد. فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله (، قال عتبة: يا محمد أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ فلم يجبه قال: فبم تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا، فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش شئت، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستعين بها أنت وعقبك من بعدك. ورسول الله (ساكت ولا يتكلم، حتى إذا فرغ عتبة، قال رسول الله (: يا أبا الوليد. قال: نعم. قال: فاسمع مني. قال: افعل. فقال رسول الله (: بسم الله الرحمن الرحيم (حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا (فمضى رسول الله فقرأها عليه، فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما، يسمع منه حتى انتهى رسول الله إلى السجدة فسجد
(١) أخرجه الأصبهاني في دلائل النبوة (ص:٢٢١) تحقيق محمد محمد الحداد، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى،١٤٠٩، ويحيى ابن معين في تاريخه (٣/٥٤) ،تحقيق د. أحمد محمد نور سيف، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة، الطبعة الأولى،١٩٧٩، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الأجلح الكوفي لين الحديث (ص:٥٩٢) والذيال بن حرملة لم يوثقه إلا ابن حبان (الثقات لابن حبان (٤/٢٢٢) تحقيق السيد شرف الدين أحمد، دار الفكر، الطبعة الأولى ١٩٧٥.