للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باركها وحث عليها، لذلك قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» (١) . ولم يقل: لأنشئها.

إذن ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل، أن يشجب كل الوضع الذي كانت الإنسانية عليه قبله حتى يثبت صحة نفسه، فمن الطبيعي أن يقر القرآن بعض الشرائع، سواء في الكتب السابقة السماوية , أو في عادات الناس وأعرافهم، وأما الخطأ فإنه لا يقره (٢) ، وقد نص القرآن على هذا المعنى في مثل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:٣٧] .

٩-كيف يمكن اعتبار التوراة والإنجيل من أهم مصادر القرآن مع أن القرآن, خالفها في كثير من الأشياء؛ ففي بعض الأحداث التاريخية نجد القرآن يذكرها بدقة متناهية ,ويتمسك بها بإصرار، في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتجاهل بعضها، على الأقل تفاديا للاصطدام بالتوراة والإنجيل) (٣) .

(ففي قصة موسى يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون، مع أن سفر الخروج يؤكد أنها كانت ابنته، كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق , لا يتجاهل حتى مسألة نجاة بدن فرعون من الغرق مع موته وهلاكه، في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق


(١) أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة (٨٧٢٩) ، رواه الإمام مالك في الموطأ بلاغا من غير إسناد (كتاب الجامع، باب ما جاء في حسن الخلق) بلفظ (بعثت لأتمم حسن الخلق) ، وأخرجه البزار بلفظ (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (انظر فتح الباري (٦/٦٦٥) .
(٢) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن، للحكيم (ص:٦١) .
(٣) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن (ص:٤٦) .

<<  <   >  >>