للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسبتها إلى الجاهلية، ولا يلهمهم الذوق الأدبي أن نظرة واحدة كافية لليقين بإدحاض نسبتها إلى امرئ القيس أو غيره من شعراء الجاهلية) (١) .

ولقد بحثت في ديوان امرئ القيس فلم أجد هذه الأبيات.

وأما أمية بن أبي الصلت، فإن بعض العلماء نسبوا هذه الأبيات له، ولكن أمية أدرك الإسلام ورأى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وسمع القرآن من النبي (صلى الله عليه وسلم) في مكة، وانصرف عنه فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه، فقال: أشهد أنه حق، قالوا: هل تتبعه؟ قال: حتى أنظر في أمره. وخرج إلى الشام وهاجر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، وحدثت وقعة بدر وعاد أمية من الشام يريد الإسلام، فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له، فامتنع وأقام في الطائف حتى مات (٢) ، فهو الذي تأثر بالقرآن ولم يتأثر القرآن به، وشهد على صحة القرآن، هذا وقد ذكر في ترجمته أنه كان مطلعا على الكتب القديمة، ويلبس المسوح تعبدا، وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر، ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية (٣) ؛ فهو إنما أخذ معنى هذا الشعر من الكتب السماوية السابقة التي كان يطلع عليها.

ولو سلمنا جدلا بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) أخذ هذا الموضع من أمية، فما هو المانع أن يجري الله الحق على ألسنة بعض الناس، وينزل القرآن موافقا لما قالوا، كما حصل هذا مع عمر كثيرا.


(١) إسلاميات، لعباس محمود العقاد ص:٥١-٥٣، مصر، دار الشعب، وانظر كتاب قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية (نقد مطاعن، ورد شبهات) ، د. فضل حسن عباس، (ص:٤٦) ، دار البشير، الأردن، ط٢،١٩٨٩.
(٢) الأعلام للزركلي (٢/٢٣) .
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>