للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالنسخ له حِكَم كثيرة منها (١) :

١-التدرج في الأحكام على الأمة حتى لا تنفر ويسهل عليها تقبله، كما حصل في الخمر فقد تدرج القرآن فيه على مراحل؛ أولاها: الإشارة إلى أنه ليس من الرزق الحسن، كما في قوله تعالى {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ... } [النحل:٦٧] ، والواو تقتضي المغايرة، ثم بيان أن فيه ضررا وشرا كبيرا من غير التعرض لمنعه كما في قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع للناس وأثمهما أكبر من نفعهما..} [البقرة:٢١٩] ، ثم تحريمه في أوقات الصلاة كما في قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ..} [النساء:٤٣] .

ثم تحريمه تحريما تاما في كل الأوقات في سورة المائدة -التي هي من أواخر السور نزولا- في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ... } [المائدة:٩٠] .

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتْ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ... الْآيَةَ) ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتْ الَّتِي فِي النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنَ


(١) انظر: آراء المستشرقين حول القرآن، لرضوان، (٢/٦٣٠) ، ومناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني (٢/١٥٢) ، ومباحث في علوم القرآن للقطان ص:٢٤٦، وغير ذلك.

<<  <   >  >>