للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالضرورة فلا تصادف اللسان يتكلم في ثلاث وعشرين سنة وهي مدة نزول القرآن ,فيتكلم على غرض واحد, وعلى منهج واحد ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بشرا تختلف أحواله ,فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البشر لوُجِدَ فيه اختلاف كثير، فأما اختلاف الناس فهو تباين في آراء الناس لا في نفس القرآن, وكيف يكون هذا المراد وقد قال تعالى: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [البقرة: ٢٦] فقد ذكر في القرآن أنه في نفسه غير مختلف وهو مع هذا سبب لاختلاف الخلق في الضلال والهدى, فلو لم يختلف فيه لكانت أمثال هذه الآيات خلفا, وهي أشد أنواع الاختلاف, والله أعلم) (١) .

وأما ادعاء معارضة القرآن للحقائق سواء كانت, شرعية, أو طبيعية, أو تاريخية، فإن سبب هذا الزعم, وقوع هؤلاء على بعض الإشارات التي فهموا منها أن هناك تعارضا, فتمسكوا بها وبدأوا يجمعون كلام كل متردية ونطيحة ,للنفخ في هذه الشبهة حتى يتم لديهم هذا الاتهام للقرآن بالتعارض مع الحقائق، وما علم هؤلاء أن الذي خلق الطبيعة وأنزل القرآن واحد وهو الله تعالى، وأن منزل القرآن والشريعة واحد وهو الله تعالى، وأن كل الحقائق التاريخية التي حصلت لنا وعرفناها عن طريق الكتب المتوارثة غابرا عن غابر, قد رآها الله تعالى معاينة وشاهدها حقيقة, ولم تنقل له كما هو الحال فينا عن طريق كتب.

إذن فقضية التعارض سواء كانت في الحقائق الشرعية ,أو الكونية, أو التاريخية أمر لا يمكن تصوره عقلا, وغير واقع أصلا، وكل ما ادعوا أنه متعارض قد تم الإجابة عليه.


(١) البرهان للزركشي (٢/٥٤-٥٦) .

<<  <   >  >>