(أ) الآية الخامسة من سورة البقرة وهي قوله تعالى: (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (يشير الله بقوله: (أولئك (على المذكورين قبل ذلك وهم المتقون الذين يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، وينفقون مما رزقهم الله، ويؤمنون بالقرآن، والكتب التي نزلت على الرسل قبل القرآن, ويؤمنون بالآخرة، وهؤلاء المذكورون قد عبر الله عنهم
بـ (أولئك (وهي اسم إشارة للبعيد تعظيما لشأنهم ورفعا لمنزلتهم (على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (ويبدو أن السائل ظن أن إشارة الله لهؤلاء المذكورين (بأولئك (- وهي صيغة إشارة للبعيد- أن هذا خطأ نحوي؛ إذ يعبر عن القريب بالبعيد، ولم يفهم أن هذا أسلوب بلاغي من أساليب العرب، وهي تعبيرهم بالإشارة بالبعيد للتعظيم والتهويل أحيانا، وللتقليل والتحقير أحيانا حسب السياق، ومرامي الكلام، وهنا عبر الله عن هؤلاء المتقين، الذين يتصفون بهذه الصفات بصيغة البعيد , وهي (أولئك (رفعا لشأنهم وإعلاء لمنزلتهم, ولا شك أن هذا أمر عظيم؛ لأن فيه إشارة ورفعة لهؤلاء المذكورين. ب) وأما قوله تعالى في سورة الأعراف: {وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما، وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشر عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}[الأعراف: ١٦] واعتراض السائل هو كيف يقول تعالى: (كلوا من طيبات ما رزقناكم (، ويتكلم بصيغة الخطاب وهو قبل ذلك قد تكلم عن بني