المصحف، والوحدة الموضوعية في السورة، وهذا باب عظيم لا تسعه العجالةُ للرد على هذه الشبهات السخيفة. وقد كتب في هذا مجلدات ومجلدات قديما وحديثا، وأُحيل السائلَ على كتابٍ مختصرٍ حديثٍ, وهو كتاب "النبأ العظيم" للشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله, وأظنه مترجما إلى الإنجليزية. وهنا في هذه الآية من سورة الأعراف لا يسجل الله الأحداث التي وقعت لبني إسرائيل من حيث كونها تاريخا وإنما يذكر إنعامه عليهم، ويسجل مخازيهم، ونكثهم لعهودهم وكفرانهم لنعمة الله سبحانه وتعالى. فهذه الأحداث التي وقعت لبني إسرائيل وإن كانت متباعدة في الزمان, ولكنها ذُكِرتْ مجتمعة في الآية لتذكرهم بنعم الله على آبائهم, ثم جحودهم ونكرانهم.
(د) وأما قول السائل (توني بولدروجوفاك) : إن الإنجيل أفضل من القرآن من حيث الوحدة الموضوعية, والترتيب الزمني، وتسلسل الأحداث, فإن هذا مما يدل حقيقة وللأسف على تدني عقل السائل, وعدم تمييزه بين الكتاب المعجز المتناهي في البلاغة والعصمة والإحكام، وبين كتاب لم يسلم من التحريف والتبديل والتناقض، وهو أشبه بمذكرات يوميها كتبها تلاميذ أو تلاميذ تلاميذ المسيح عليه السلام من الذاكرة, معبرين فيها عن تصور شخصي لهم، وتفسير شخصي للأحداث التي نقلت أو رآها بعضهم، وقد اختلفوا في هذا النقل اختلافا كبيرا، وجاءت عباراتهم في كثير من الأحيان ركيكة متهالكة. ولا شك الإنجيل الحقيقي لم يكن كذلك, وإنما أتكلم عن الأناجيل الموجودة الآن بين أيدي النصارى, وهي مختلفة فيما بينها. ولا شك أن القرآن الكريم لم ينزل قط على طريقة الأناجيل المحرفة ,التي لا تعدو أن تكون- كما ذكرنا- مذكرات ويوميات لحياة