للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكوني، والفرق بينهما، أن الأمر الشرعي لا يكون إلا فيما يحب سبحانه لكنه لا يلزم أن يتحقق، فالله تعالى يأمر بتطبيق شرعه, وهو يحب ذلك ,لكن الكثير من الدول لم تفعل، والأمر الكوني يكون فيما يحب وما لا يحب، ولكنه لازم الوقوع؛ فالشيطان مخلوق بأمر الله ,لكن الله تعالى لا يحبه، فالله لا يأمر بالفحشاء شرعا، لكنها تقع كونا، فإنه لا يقع شيء في هذا الكون إلا بأمر الله ومشيئته، ومن هذا الباب معنى آية الإسراء، فإذا قضى الله على قرية بالهلاك , فإنما كان هذا لانتشار الفسق والفحشاء والفجور فيها.

٢- ولو سلمنا أن المراد هو الأمر الشرعي، فيكون هناك محذوف، والتقدير، أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها، يعنى فخرجوا عن طاعة الله.

٣-القراءة الأخرى تبين معنى آخر وهي (أمَّرنا) أي جعلناهم أمراء، فأضلوا قومهم.

٤-أَمَرَ في اللغة تأتي بمعنى كَثُرَ وظهر، أخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إِذَا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ) (١) ، ومنه حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل وفيه قال أبو سفيان: (لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ؛ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ) (٢) .

إذن معنى الآية أن كثرة المترفين الفاسقين في بلد وظهورهم نذير عذاب.

قال ابن كثير: (اختلف القراء في قراءة قوله (أمرنا


(١) أخرجه البخاري (كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها..، رقم:٤٧١١) .
(٢) تقدم تخريجه ص:١٣٤، وأنه متفق عليه.

<<  <   >  >>