للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقولهم ولا لغو عندها ولا أثم فيها. وقال تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ( [الصافات: ٤٥-٤٧] ، وهذا الكأس من خمر الجنة، والمعين: الجاري الكثير، ولون هذه الخمر بيضاء أي حسنة المنظر، وهي ذات (لذة) ، والغول صداع في الرأس وقيل وجع في البطن وهي ليس فيها هذا ولا هذا، (ينزفون) أي لا يسكرون منها (١) ,فلا تذهب عقولهم, وتبقى لذتها.

لذلك من آثر خمر الدنيا على خمر الآخرة, فحري أن يحرمه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ,لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ» (٢) .

٢٧-وقال:

مرة يقول فرعون نجا، ومرة يقول فرعون غرق:

قال في يونس: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس:٩٢] ، وقال في الإسراء: (فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَعَهُ جَمِيعًا () [الإسراء:١٠٣] .

-الجواب:

وهذا ليس تناقضا كما هو واضح، بل فرعون مات غرقا، لكن الله تعالى أخرج جثته للناس لتكون لهم آية، وهذا مما لا يتوقع المرء أن يقع فيه أي لبس، ولكن هو الهوى الذي يلقي صاحبه في المهاوي،


(١) التسهيل لابن جزئ (٢/٢٣٥) .
(٢) متفق عليه (البخاري: كتاب الأشربة، باب قول الله (إنما الخمر والميسر ...) ،رقم:٥٢٥٣، ومسلم: كتاب الأشربة، باب عقوبة من شرب الخمر إذا لم يتب، رقم:٢٠٠٣) .

<<  <   >  >>