للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيطان حتى وقع في أكل الشجرة، وهذا موسى قتل نفسا بغير نفس فقال: {هذا من عمل الشيطان} [القصص: ١٥] ولا يقول أحد أن هذا من التسلط بمعنى التحكم والإغواء والتضليل، بل يبقى آدم وموسى من خير أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

-الطعن الرابع: (كيف يذكر في القرآن أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم -يعني من مثل قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [البقرة:٣٤]- مع أن هذا الدين اشتهر بالتشدد في إنكار الشرك وتكفير كل ساجد لغير الله) (١) .

الجواب:

السجود نوعان؛ سجود تحية وإكرام, وسجود عبادة وإعظام، فسجود العبادة لا يجوز في جميع الملل وعند جميع الرسل، بل لا يسجد الإنسان إلا لله وحده وأما سجود التحية فهذا كان جائزا في شرع من قبلنا، كما حصل ليوسف عندما خر له أبواه وأخوته سجدا، فلم ينكر عليهم، ومن هذا الباب سجود الملائكة لآدم، وأما في شرعنا فقد نسخ سجود التحية، درأ للفتنة وسدا لأبواب الشرك وطرائقه.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ... } [يوسف: ١٠٠] : (وقد نسخ الله ذلك كله في شرعنا، وجعل الكلام بدلا عن الانحناء. وأجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان ,فإنما كان تحية لا عبادة، قال قتادة: هذه كانت تحية الملوك عندهم , وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة) (٢) .


(١) حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، للعقاد (ص٢٧٦) ،المكتبة العصرية، بيروت.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٩/١٧٤) .

<<  <   >  >>