إنها تقرر فحسب الزمن الذي خلق الله تعالى فيه الكون، دون أن تعرض لما بعد الخلق من الزمن الذي مر على الكون المخلوق حتى يومنا هذا.
فالتناقض الذي يتكلم عنه هذا المستشرق إنما جاء نتيجة لخلطه بين الأمرين، وتحميل الآيات القرآنية غير ما تحمله من معنى. وذلك أمر غاية في الوضوح لكل من يراجع نصوص الآيات المشار إليها ثم يراجع كلام المستشرق عنها) (١) .
ب- إن ميلر بروز ـ أو غيره ـ لا يستطيع أن يعرض بشيء من التكذيب لما قررته هذه الآيات، من أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش؛ لأن فعل الخلق وزمانه سبقا الوجود البشري، فلا يستطيع أحد إطلاقاً أن يزعم أنه شهد - بأي وسيلة - أو رصد كيفية خلق السماوات والأرض وزمانه، وعلم البشر المادي - بكافة فروعه - نشأ بعد أن تم الخلق، وليس هناك أمامه سبيل ما لمعرفة تفصيلات خلق السماوات والأرض وما بينهما - من حيث الزمان - إلا ما أخبر به الوحي الصادق عن الله تعالى في هذه الآيات، وفيما يتصل بها من أحاديث نبوية صحت روايتها عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولا يملك الإنسان - في علمه البشري وسيلة أخرى يسترجع بها كيفية الخلق أو زمانه ليقيس عليها ما ورد في الوحي، ومن هنا لا يستطيع العلم البشري بحال أن يصل في هذه القضية إلى شيء يستند عليه في تكذيب ما ورد في الوحي؛ لأن الوحي يحكي هنا عن أمر (غيبي) لم يشهد البشر ولا يصل إليه علمهم المادي بحال، كما قال تعالى:{ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً}[سورة الكهف:٣٠] .