فلا تنافي، وقيل: إن المنفي كلامهم في النار، والمثبت كلامهم في الحساب.
وكقوله:{ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين}[الأنعام: ٢٣] ، مع قوله:{ولا يكتمون الله حديثا}[النساء: ٤٢] ، فإن الأولى تقتضي أنهم كتموا كفرهم السابق، والجواب من وجهين؛ أحدهما: أن للقيامة مواطن ففي بعضها يقع منهم الكذب، وفي بعضها لا يقع، كما سبق، والثاني: أن الكذب يكون بأقوالهم، والصدق يكون من جوارحهم، فيأمرها الله تعالى بالنطق فتنطق بالصدق.
ومنه قوله تعالى:{اتقوا الله حق تقاته}[آل عمران: ١٠٢] ، مع قوله:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦] ، يحكى عن الشيخ العارف أبي الحسن الشاذلي، رحمه الله، أنه جمع بينهما فحمل الآية الأولى على التوحيد، والثانية على الأعمال، والمقام يقتضي ذلك؛ لأنه قال بعد الأولى (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (.
وقيل: بل الثانية ناسخة؛ قال ابن المنير: الظاهر أن قوله: (اتقوا الله حق تقاته (إنما نسخ حكمه لا فضله وأجره، وقد فسر النبي (صلى الله عليه وسلم) حق تقاته بأن قال: «هو أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر» . فقالوا: أينا يطيق ذلك. فنزلت (فاتقوا الله