للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه سبيل؛ لأنه منزل من رب العالمين) (١) ، وهذا نص صريح على استحالة وجود الباطل في كتاب الله، بل على استحالة افترائه عليه، فإن الله يوكل من عباده من ينفي عنه انتحال المبطلين، وتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وذلك مصداقا لقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] ، فـ {مَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [التكوير: ٢٥] ، بل هو كتاب عظيم فصل (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ () وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ( [الطارق: ١٣-١٤] .

فهذا الكتاب (مَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ( [الشعراء: ٢١٠-٢١١] ، والدليل أنهم لا يستطيعون التحدي لهم بمثل قوله تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [سراء: ٨٨] .

ومن الأدلة على أن هذا الكتاب من عند الله قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨] .

فما كان لرجل أمي لا يقرأ ولا يكتب أن يأتي بمثل هذا الكلام، ويتحدى به الثقلين، ولم يقدر أحد على معارضته وإجابة هذا التحدي.

وقد شهد على صحة هذا القرآن أهل الكتاب كما قال تعالى:

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ} [الأنعام: ١١٤] .

وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ١٩٢-١٩٧] .

( ... وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ


(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/١٠٢) .

<<  <   >  >>