للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته؛ كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: " إنَّا لَنَكْشرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ". (١)

المطلب الثاني: مفهوم التَّقيّة عند علماء الرافضة

فهي كما يقول شيخهم المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بابن المعلم: (ت: ٤١٣ هـ) هي عبارة عن:

كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرًا في الدين والدنيا. (٢).

فالمفيد- من الرافضة- يعرف التَّقيّة بأنها الكتمان للاعتقاد خشية الضرر من المخالفين - وهم أهلُ السنة كما هو الغالب في إطلاق هذا اللفظ عندهم - أي هي إظهار مذهب أهل السنة (الذي يرونه باطلاً)، وكتمان مذهب الرافضة الذي يرونه هو الحق، من هنا يرى بعض أهل السنة: أن أصحاب هذه العقيدة هم شر من المنافقين؛ لأن المنافقين يعتقدون أن ما يبطنون من كفر هو باطل، ويتظاهرون بالإسلام خوفًا، وأما هؤلاء فيرون أن ما يبطنون هو الحق، وأن طريقتهم هي منهج الرسل والأئمة. (٣)

قال عبد الله بن محمد القحطاني الأندلسي- رحمه الله- في نونيته: (٤)

إِنَّ الرَّوَافِضَ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الحَصَى … مِنْ كُلِّ إِنْسٍ نَاطِقٍ أَوْ جَانِ

قَدَحُوا النَّبِيَّ وَخَوَّنُوا أَصْحَابَهُ … وَرَمَوْهُمُ بِالظُّلْمِ وَالعُدْوَانِ

حَبُّوا قَرَابَتَهُ وَسَبُّوا … جَدَلَانِ عِنْدَ اللهِ مُنْتقضَانِ (٥)

وفي ضوء بيان مفهوم التَّقيّة في اللغة والاصطلاح يتبين لنا أنها- التَّقيّة - تعني عندهم:

إظهار خلاف ما يبطن الإنسان تديّنًا؛ وهم-الرافضة- بتلك العقيدة الفاسدة ينسبون هذا الكذب والبهتان والخداع لدين الله ظلمًا وزورًا وبهتانًا وعدوانًا، فهم كما قال الله تعالى في وصف المنافقين: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء: ١٤٧).

الفصل الثاني التَّقيّة عند الرافضة

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: التَّقيّة أصل من أصول دين الرافضة

وفيه أربعة مطالب:

يجب أن يُعلم أولًا أن التَّقيّة أصل أصيل من أصول دين الرافضة " الشيعة الاثني عشرية" التي يبنون عليها دينهم وعقائدهم، فتراهم يكذبون ويتحرون الكذب في كل أمورهم حتى في العقائد، ثم يجعلون ذلك دينًا وقربى من أجلِّ وأعظم


(١) - تفسير ابن كثير (٢/ ٣٠).
(٢) - صحيح الاعتقاد، للمفيد: ٦٦.
(٣) - يُنظر: أصول مذهب الشيعة الإمامية: (٢/ ٨٠٥).
(٤) -قيل: (ت: في ٣٧٩ هـ أو ٣٨٣ هـ أو ٣٨٧ هـ، ببخارى).
(٥) - الأبيات من نونية القحطاني الشهيرة والتي تزيد على ٦٠٠ بيت.

<<  <   >  >>