للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول تعالى ذكره «وتمت كلمت ربك» يعني «القرآن»، سماه كلمة كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر: هذه كلمة فلان.

«صدقا وعدلا» يقول: كملت كلمة ربك من الصدق، والعدل، والصدق، والعدل، نصبا على التفسير للكلمة، كما يقال: عندي عشرون درهما «لا مبدل لكلماته» يقول: لا مغير لما اخبر في كتبه انه كائن من وقوعه في حينه واجله الذي اخبر الله انه واقع فيه، وذلك نظير قوله جل ثناؤه: «يريدون ان يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكانت ارادتهم تبديل كلام الله، مسألتهم نبي الله لن يتركهم يحضرون الحرب معه، وقولهم له، ولمن معه من المؤمنين «ذرونا نتبعكم» بعد الخبر الذي كان الله اخبرهم تعالى ذكره في كتابه بقوله: «فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي ابدا ولن تقاتلوا معي عدوا» الآية فحاولوا تبديل كلام الله وخبره بانهم لن يخرجوا مع نبي الله في «غزاة» ولن يقاتلوا معه عدوا بقولهم لهم: «ذرونا نتبعكم» فقال الله جل ثناؤه لنبيه «محمد» صلى الله عليه وسلم: يريدون ان يبدلوا بمسألتهم اياهم ذلك كلام الله وخبره «قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكذلك معنى قوله:

«لا مبدل لكلماته» انما هو: لا مغير لما اخبر عنه من خير انه كائن فيبطل مجيئه وكونه، ووقوعه، على ما اخبر جل ثناؤه لانه لا يزيد المفترون في كتب الله، ولا ينقصون منها، وذلك ان اليهود، والنصارى لا شك انهم

اهل كتب الله التي انزلها على انبيائه، وقد اخبر جل ثناؤه انهم يحرفون غير الذي اخبر انه لا مبدل له» اهـ (١).

«رسالته» من قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (٢) قرأ «ابن كثير، وحفص» «رسالته» بغير الف بعد اللام، ونصب التاء، وذلك على الافراد، والرسالة على انفراد لفظها تدل على الكثرة، بمعنى انها تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع، وبناء عليه فهذه القراءة تتحد في المعنى مع القراءة التالية.


(١) انظر: تفسير الطبري ج ٨ ص ٩.
(٢) قال ابن الجزري:

<<  <  ج: ص:  >  >>