«صنعة الاعراب» لقد تتبعت قراءات القرآن، وخرجتها، وصنفتها، وجعلت كل نوع على حدة، واستخلصت الكلمات التي يرجع توجيه وتخريج الاختلاف فيها الى الموقع الاعرابي، وجعلتها في هذا الباب.
وقبل الدخول في تخريج كلمات هذا الباب، أجد من تمام المنفعة أن القي الضوء على اهتمام العلماء بقضية اعراب القرآن فأقول:
اعراب «القرآن» من الظواهر اللغوية التي اهتم بها العلماء قديما وحديثا، وقد استعان به الكثيرون من المفسرين في مصنفاتهم من أجل توضيح معاني الآيات- فقديما قيل: الاعراب فرع المعنى- اذ بمعرفة حقائق الاعراب، والوقوف على تصرف حركاته وسكناته يسلم اللسان، ويصح الكلام، وتعرف أكثر المعاني، ويحصل المراد، لذلك كان على المعرب أن يفهم معنى ما يريد اعرابه مفردا كان، أو مركبا، قبل الاعراب، حتى يتسنى له اعرابه اعرابا سليما لأنه بمعرفة المعنى يحسن التوجيه ويصح الاعراب واذا استغل المعنى، واستبهم المراد منه صعب فهمه، واشكل اعرابه.
واذا تجاذب الاعراب والمعنى شيئا واحدا بأن دعا اليه المعنى، وأباه الاعراب، فالمعول عليه هو المعنى، ويؤول الاعراب لصحته، واستقامته، مثال ذلك: قوله تعالى: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ* يَوْمَ
تُبْلَى السَّرائِرُ (١) حيث ان المعنى يقتضي أن يتعلق الظرف: «يوم» بالمصدر وهو «رجع» على أن يكون المعنى: انه على رجعه في ذلك اليوم لقادر.
ولكن الاعراب يمنعه لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي